أصابني مقتل (( رحاب )) ابنة أخي بيد زوجها بمصاب أليم فكانت هذه القصيدة :
حُكــــمُ المنية و هي ذاتُ طِلابِ = كُلٌّ نهــــــــــــاية عَيْشِه لخرابِ
قــوس المنية ليس يخطئ سهمُهُ = لكِنَّما الآجالُ قَيْدَ حســـــــــــابِ
يسعى ابن آدم و الحُتُوفُ تَحوطُهُ = - حتى يَحُلَّ القبر - حَـــــــوْطَ ذئابِ
إن لم تُصـِبْهُ حـــــــــــذَّرته بغيره = أَنّي إليك برغــــــم كل حجــــــابِ
نستعجــلُ الأيام و هي مــراكب = تمشي إلى الآجــــــــــــال بالرُّكَّابِ
يرجـــــو الصغير بها بلوغَ شـــبابه = و الموت ناظــــــــــره لوقت شبابِ
و لقـــــــــد يَلَذُّ المرء فيها مطعماً = و يسوقه للمــــــوت بَرْدُ شرابِ
و الليل كَمْ جَمع الصِّحابَ. وَ صُبْحُهُ = وافى الصِّحابَ بِفُرْقَةِ الأصحــــابِ
و المـــــــرءُ في أيامـــــــه متقلب = فخليلُ فَرْحٍ أو رهين مُصــــــــابِ
مـــا بين مـــولده و بين ممـــــاته = قَصصٌ .. مــــن الآلام و الأوصــــابِ
إن أمهلته يد المنــــــــــون أصابه = طـــــــــــولُ الحياة بمخلب أو نابِ
من يطلب الأيام صــرف صُرُوفها = مُتَطَلِّـــــــــعٌ لِيَرُدَّ سَلْبَ ذُبابِ
إن سَــــــــــــرَّنا يوماً زوالُ غبارها = ملأتْ مَسَالكَ عيشنا بضــــــــبابِ
لا يخــــــــــدعَنَّك في الحياة عِذابُها = فلقد تجُـرُّ عَذابَهــــــــــــــا بِعِذابِ
كالغــــاب يسبي الناظرين مناظراً = و قواتلٌ فيه وحـــــــوشُ الغــــابِ
فجعتك بالأحبـــاب و هي مُحثَّةٌ = لتكـــــــون أنت فجيعة الأحبابِ
و تساؤلي أيُّ الخطـــوب أرى غدا = فأجـــابت الأيــام : قتلَ رحــــــابِ
وافى (( رحاباً )) بالمَنِيَّةِ يـَــــــومُهَا = و غدا يسوم القلب ســـــــوءَ عَذابِ
فَفَزِعْتُ للآمــال ســــــــاعة نَعْيِهَا = كالمُستعينِ بخــــادعٍ كَـــــذَّابِ
و إذا الحقيقةُ فوق مـــــــا أسْطيعُهُ = و إذا بآمـــــــــــــــالي كَلَمْعِ سـراب
حُمِلَت (( رحابُ )) إلى القبور قتيلةً = فَجَـــــــــرَتَ لِمَقْتَلِها عيون صِلابِ
شَقَّتْ دمـــــــوع العين عيني حسرةً = شَقَّ السيـــــــــــول سبيلها لِشِعابِ
لولا بَوَاقِي الصبر تَســـــْنُدُ مُهْجَتي = لَفقَدتُ في يوم المصاب صـــــــوابي
أ (( رحابُ )) لَوْ واصلتُ ليليَ في البكا = بالصبحِ لم يُخْمِدْ بكائيَ مـــــــــابي
ولو اسعفت أحزانَ صــــدريَ أدمُعي = لذَرَفْتُ دمعاً مثل قَطْـــــرِ سحابِ
يا شمسُ .. وجــهُ الصبحِ دونك مظلمٌ = إظْـــــلامَ وجهِ العيش دون (( رحابِ ))
يا شمسُ.. غيبي ليت أختك لمْ تغِبْ = و حللت أنت مكانهــــــــــــا بغيابِ
قَدْ دكَّ ماضي العمر .. يــوم رحيلها = و أَحَـــــــــــــــالَ باقيه كمثل يَبَابِ
صفحـــــــــــات أحزان الفؤاد عديدة = لو جُمِّعَتْ لعَــــــــدَدْتَ ألف كتابِ
عاشت (( رحــابٌ )) في رحابِ صلاحها = كالروضةِ الغَنّاءِ وَسْــــــــــــط روابي
وَ (( رحابُ )) أخـتٌ للفضائل و التُّقى = جَعَلَتْ مكان النَّـــــــــوم كالمحرابِ
لم تُلْهِهَا الأفــــراحُ يـــــوم زفـــافها = قامت تصلي وهي رَهْنُ خِضـــــابِ
تغفـــــو و أحلام الشهادة ما غَفَتْ = أطيافهــــــا في العين غيرُ خَــوابي
فمنـــــــــازل الشُّهَداءِ غايتُها غداً = وَ مُنَى (( رِحابٍ )) في مَقَامِ حِســــابِ
ياربُّ بَلِّغْني منـــــــــــازلهم غداً = تدعــــــــــو بقلب المـــــؤمن الأوَّابِ
ياربُّ بلِّغْهَا مَنَـــــــــــــازلهم غداً = وَ أَثِبْ (( رحاباً )) منك خيرَ ثــــــوابِ
نبكي (( رحاباً )) بالقلـــــــوب و عَلَّها = أمست ضَحُــــــــوكاً في حمى التَّوابِ
و لقد تنوح النائحـــــــات على الفتى = و مَــــــــآبُهُ في القبر خيرُ مَــــــــآبِ
لو أبصرت عيناه دمــــــــع عُيُونِهِـ = ـنَّ عليه لاسْتَحْيا من الوهّـــــــــــَابِ
أو أَنَّهُنَّ عَرفْنَ طيب مُقَامـــــــــــــِهِ = لَلَبِسْنَ للأفراح حُسْـــــــــــنَ ثيابِ
وَارَوا (( رحاباً )) في التراب و إنَّمــــا = يُخْفَى ثَمِيــــــــــنُ الكَنزِ تحت ترابِ