في ليلة روى البدر فيها عطش الرمال
وأرقص النسيم بها اطراف كل ميال
التقى شيخ وشاب
في ساعة ساد الهدوء فيها الرحاب
وعلى طريقة الاحباب
كان النقاش والعتاب
في حوار شجي ندي لإثنيهما طاب
حوار كان حينما حب التميز عنهما غاب
وجليد التعصب فيهما ذاب
فلا العمر للحوار عاب
ولا الشيب لنتيجة شاب
واليكم يا احباب
حوار الشيخ والشاب
الشاب : ايها الشيخ الاريب , ليتك اليوم تجيب , فسؤالي هو دوماً عندنا ليس غريب
لما الماضي تذكرون , لما منه تكثرون , لما انتم في دوام , امسيات فيه تقام
الشيخ : ايها الشاب النجيب , يا صباحاً لا يغيب , كل فذ لا يخيب , ولهذا سأجيب .
فالحديث عن ماضينا , أمر هو يشجينا , كالورد كالزهر كالفل يزكينا, حديثه يطرب
النفس ينشينا , سماعه عذب كالماء يسقينا , لكأنه جزء منا لنا فينا , لكأنه حظناً لنا يدفينا .
الشاب : انا السائل الحائر , انا التائه السائر , فأجبني ايها الشيخ جواباً يسلي الخاطر
أجبني عن سؤال كم هو جائر , اجبني تجدني مصغياً لك شاكر , أجني لما التصغير
لما التحقير للحاضر , لما انتم مزدروه رغم عهده الفاخر , لما انتم كارهوه رغم عصره
الفاخر , ألعيب فيه مخزي , أم لحكم كل ساخر , ألقبح هو فيه أم لأمر غير ظاهر
لتجني عن سؤالي فلست اليوم عاذر , لتجني اليوم حالاً فجرحنا من ذاك غائر ,
الشيخ : يا سائلاً اليوم أسمع , ولرداء الحزن أخلع , فجوابي اليوم كاف لعلك به تقنع
اننا في زمان خدماته لا شك تنفع , اننا فيه نحيا كل خير لنا يصنع , إننا فيه نفخر بزدهار
له يشفع , لكننا فيه نبكي كل طبع هو أشنع , كل مغر له دور في شيوع كل ابشع
كم شربنا مر كأس مره من السيف أقطع , كم وقعنا في فخ فعل عدونا من فيه أوقع
لا تلومني إن بكيت لمشاهد من الموت افظع , لا تلومني إن حكيت بمنطقاً للبعض اجزع
فوجودي قد كان يوماً في زمان من الثلج انصع , شخصه للذل يأبى طبعه في النفس,
أينع , لا تلومني ففؤادي امام نار فيه تلسع , لا تلومني إن أبيت بحياة للعار تدفع , فشعوريي
إحساس صدق لغيره القلب يمنع ,
الشاب : قد حدثتني يا شيخ عن الحاضر وفيه كيف بتم , وحدثتني من نحن ومن انتم , فحدثني
عن كيف كنتم وكيف عشتم وكيف للعادات صنتم , حدثني لعرف اسباب الحنين , الي تلك السنين
وهل هي تستحق ذلك , ام انها المشاعر نحو كل هالك ,
الشيخ : الماضي يا بني راقي , حبه في القلب باقي , به اجمل ذكرياتي , مع صحبي ورفاقي
وميدان سباقي , حاملاً مسحاتي للوادي لإساقي
كانوا الناس يعيشون في ألفه , سعداء والبيت عشه , سليمة صحتهم , صادقة فرحتهم
خالصة وقفتهم دائمو التواصل , لا تثنهم الفواصل , كانوا يصحون الصباح على حيي على الفلاح
فيبدأون الجد والكفاح , ليلهم هادي إلا من هدير الوادي , صبحهم نادي معطر بالكادي .
وبنفس الاطار , الحديث دار حتى انتهى الحوار , فودع كل منهم الآخر , بوجه بشوش ساحر
هنا قال الشاب يحق بأن أفخر بكم ياأجدادي , وبحبكم اجهر امام اولادي ,
فصنعكم أزهر في روض احفادي